من المآخذ الكثيرة التي يتكرر ذكرها على مجال التنمية الذاتية هو الاستهزاء بفكرة أنك تقول أنا أمتلك سيارة ثم غداَ تجد سيارة أمام باب منزلك! والحقيقة أن الأمر ليس هكذا على الإطلاق، حتى في أغبى الطروحات، وهو نقد ضعيف ينم عن عدم إطلاع، فرغم السنوات الطوال التي قضيتها في هذا المجال ورغم انتقاداتي اللاذعة له إلا أني لم أواجه يومَا مدربًا أو مدربة يقول لشخص أو في دورة ما للحضور: كرر لدي سيارة وسيصبح لديك سيارة فوراً! ليس الأمر بهذه السطحية التي يتم الهجوم به عليها، في الواقع ستجد المدرب يحثك على العمل (مهما كان هذا المدرب سطحيًا) وأن تضع الفكرة في رأسك وتعزم عليها (تنويها) ثم تقول بتنفيذها على خطوات بسيطة.
هذا السياق يدفعني لطرح سؤال: لماذا هذا الهجوم القوي على التنمية الذاتية؟ من حقك أن تنقد الفكر وأن ترفضه طبعًا، لكن على الأقل أرفض بذكاء وناقش نقاطًا حقيقية، وكن مطلعًا على المجال قبل أن تنتقده، والأهم: لا تهاجم أشخاص، فأنت من المفترض أنك تنقد الفكر لا الشخص، فالشخص مجرد مظهر من مظاهر هذا الفكر، الحقيقة أني أرى عوام وأغبياء وأنصاف مثقفين يهاجمون التنمية الذاتية، وهو لم يكلف نفسه بقراءة كتاب فيها، ـ ولا في غيرها على الأغلب ـ يعتمد فقط على تغريدات لبعض المدربين الأغبياء في تويتر وعلى اراء بعض من يتابعهم ثم ينطلق كالسهم ولا يعرف حتى ما خلفيات الموضوع.
صدقًا لاأفهم كل التشنج الذي أراه من البعض تجاهها، حيث يبدو أنها تجابه عنصرية فكرية من نوع فريد، فتجد البعض يتسع صدره للمختلف عنه مهما كان غرابة اختلافه وحماقته ثم يأتي لمجال التنمية الذاتية وينتهي كل ذلك الاتساع الفكري المزعوم ويبدا بالهجوم، لماذا ياعزيزي؟ هل تحاول أثبات أنك ذكي عبر مجاراة النمط السائد حاليًا؟، لماذا تحس بالضيق الشديد لدرجة التعصب والهجوم على أفكار لاتعجبك؟! هذا الكلام ليس موجهًا لمن ينتقد باتزان فكل مجال عرضة للنقد والنقد السليم ينتج التطوير.
يقودنا هذا لتساؤل آخر: هل وسائل التواصل الاجتماعي جعلتنا حمقى ونركض وراء الموجة السائدة ونستقي فكرنا من مجاهيل في تويتر وربما أطفال أو مرضى نفسيين أو جهلة خلف معرفات مجهولة، وهل كانت التنمية الذاتية ضحية ذلك لازدهارها في زمن السوشل ميديا؟ فكل من أراد اثبات منطقيته هاجمها، لماذا تواجه تلك المسكينة كل هذا برأيكم؟
الكاتبة / نورا عبدالله