نريد الحديث عن الماضي طوال الوقت سواء مع اصدقائنا،طبيبنا النفسي أو أنفسنا ويكون ذلك بالتفكير فيه،لماذا هذا التعلق الكبير بالذكريات فرغم أنه يمنحنا الكثير من الألم إلى أننا نجد راحتنا في مضغه ولا نريد إفلاته،نبذر طاقة كبيرة في التمسك بذكرياتنا المؤلمة رغم ان السعادة بسيطة وهي لاتتطلب منا سوا التوقف عن إدارة عجلة التفكير
سيزول الغموض حول سبب هذا التعلق العجيب به إن أدركنا أن من يقوم بكل هذا هو الطفل داخلنا(الأنا) فبدون طفل تعرض لبرمجة مؤذية جعلته يحمل داخله كرة من الجراح التي تزداد حجما كلما قابل الحياة بنفس البرمجة لن يكون هناك ماضي،فأنا وإن لم أتقبل فكرة سيئة عن الحياة كأنني غير كافي مثلا من المستحيل أن تأثر تلك الفكرة على التجارب الجديدة والعكس صحيح،لذلك تمسكنا بالماضي ليس إلا صدى صرخة الألم النفسي الأولى للطفل داخلنا والتي ستظل تعلوا داخل كل واحد منا مادام لم ينتبه ويعي أن بإمكانه رؤية الحياة من خلال نافذة نقية البلور لا خدوش فيها
إن كل صدمة نفسية جديدة هي رسالة من الحياة تدعونا فيها للتصالح معها ورؤيتها بدماغ منتبه وعين مجردة من ماتظنه عن الأشياء والأشخاص ففقط وحده الدماغ المخدر بصور الماضي يعيش الصدمة حين يرى الواقع دون حواجز أما الدماغ المنتبه فلا يحتاج للصدمة كي يرى بوضوح
ماهو الماضي؟أحداث وأشخاص ومواقف حصلت واحدثت تغييرا في العالم المادي كالإحساس الذي تمنحه لنا في اللحظة التي تحدث فيها هذا واضح لكن مالذي يجعلها تستمر معنا بعد مرور سنوات؟والأدهى أن التفكير فيها يكون أكثر إيلاما من حقيقتها نفسها،لماذا نتأثر بفكرة نحن نعرف انها وهمية وهي ليست الواقع الذي حدث؟
أليس هذا لاننا لانراه بعين الناضج ذلك الصمت الجديد الموجود دون جهد منا؟
إذا من الذي يرى هذه الأفكار ؟
لا يمكن ان يكون الشخص الحقيقي الحي المتصل بالحكمة،ومن المؤكد انه شخص وهمي لذلك الأوهام حقيقة بالنسبة له
الأنا أو ذلك الطفل النفسي والذي لن يتوقف عن البكاء حتى يموت حتى نودعه كما تودع الشجرة أوراقها وبدون هذا لن يزهر القلب والعقل بفصل جديد من السعادة والحب،هذا الطفل هو من يجعل الأفكار ذات أهمية وقيمة وتأثر علينا فهي قصته المحبوكة خصيصا لتألمه هو وليس أنت،أنت الآن ذلك الإنسان الحقيقي الملموس لن يأثر فيك سوى مايحصل الآن
ربما ستقول اين الماضي والمستقبل؟
ببساطة الآن هو كل الوقت فحالك الآن هو حالك البارحة مع تعديلات بسيطة والمستقبل هو الآن مع بعض التعديلات فإن لم تتنفس البارحة لن تكون حيا اليوم وكذلك إن لم تتنفس اليوم لن تكون حيا غدا،أنت حر ومستقبلك يحدده فعلك اليوم في الآن،أما ماتفكر به فهو فكرتك عن الماضي وعن المستقبل والفكرة ليست واقع الشيء لذلك فهي تألم المفكر وهو ذلك الطفل داخلك والذي لن يموت ولن يفلت يدك إلا إذا توقفت عند دحرجة كرة الماضي
لا أحد يدعوك للتوقف عن التفكير بل لتغيير طريقة تفكيرك،فهل ترى أنه من الممكن أن تعيش حياتك اليومية بدماغ هادئ خالٍ من ضجيج ذلك الطفل؟
Zak